الأحد، 23 يوليو 2017

فتح الرحمن في تدبرالقرآن(50)

💬فتح الرحمن في تدبر القرآن
(50 )
وقفات من الجزء الثلاثين.
١/ سورة النبأ:
قال تعالى( لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا ☆ إلا حميما وغساقا)
نفى الله عن أهل النار أمرين وأثبت أمرين.. لكن اللفتة البلاغية التي أود أن أشير إليها هي في مابعد إلا التي هي أداة استثناء
يقول البلاغيون إن هذا الأسلوب يسمى تأكيد الذم بما يشبه المدح فالسامع عندما يقرع سمعه " لايذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا" يتوقع أنه سيكون هناك نوع من البرد أو شيء من الشراب المستساغ.. لكن تأتي مابعد إلا صادمة لتقول " إلا حميما وغساقا" فهي على عكس البرد والشراب تماما فيكون وقعها في النفس أكثر أثرا مما لو قال مباشره إن شرابهم الحميم والغساق.. نعوذ بالله من النار وحميما وغساقها.. حرّمني الله وإياكن عن النار.
٢/ سورة النازعات:
قال تعالى( فأما من طغى ☆ وآثر الحياة الدنيا ☆ فإن الجحيم هي المأوى)
وضح هنا أسباب دخول الجحيم - أعاذنا الله وإياكم منها- وهي الطغيان؛ وإيثار الحياة الدنيا
وهذا ميزان يزن الإنسان نفسه فيه.. ولك أن تسألي نفسك كم مرة آثرت الدنيا وحظوظ نفسك.. على ماعند الله والدار الآخرة؟ وكم مرة انتصرت على نفسك وتنازلت عن حظ الدنيا واخترت ماعند الله.. سؤال مهم يحدد مستقبلك الأخروي
ومن باب ربط آخر السورة بأولها ذكر تبارك وتعالى أن الطغيان سبب لدخول النار.. وذكر في أول السورة صورة من صور الطغيان التي آلت بصاحبها إلى النار اقرئي معي ( اذهب إلى فرعون إنه طغى) النازعات"١٧"
فماذا كان مصيره؟ ( فأخذه الله نكال الآخرة والأولى)
النازعات" ٢٥"
وهذا يبين لك الترابط البديع بين محاور السورة.

٣/ سورة الانفطار
قال تعالى ( وما أدراك مايوم الدين ☆ ثم ما أدراك مايوم الدين)
بينما قال في سورة عبس ( وما يدريك لعله يزكى) فما الفرق بين " وما أدراك - وما يدريك"
يقول ابن عباس - رضي الله عنهما- : إذا قال "وما أدراك " فإنه تعالى سيعلمه ويدريه
أما إذا قال " وما يدريك" فإنه سيطويه عنه ولا يخبره به.
• ما أدراك استفهام قصد منه التهويل ومفعوله محقق الوقوع
• ما يدريك النفي هنا منصب على الدراية والاستفهام قصد منه الإنكار والمفعول هنا لا يظهر وغير محقق الوقوع.

٤/ سورتي الانشقاق والبروج:
نود أن نعقد مقارنة بين آيتين متشابهتين في السورتين وهما قوله تعالى في سورة الإنشقاق ( بل الذين كفروا يكذبون) الانشقاق "٢٢"
وقوله تعالى في سورة البروج ( بل الذين كفروا في تكذيب) البروج "١٩"
فما الفرق بين التعبيرين؟
في سورة الانشقاق كانت الآيات التي قبل الآية التي نحن بصدد الحديث عنها تتحدث عن اليوم الآخر وأهواله ( إذا السماء انشقت....) الانشقاق"١"
وتساءل القرآن عن سبب عدم إيمانهم ( فمالهم لا يؤمنون ) الانشقاق " ٢٠"
فأتى بالفعل المضارع " يكذبون" لأنهم كذبوا بشيء مستقبلي لم يقع بعد.
أما في سورة البروج فإنه أتى بصورة ونموذج للتكذيب ( هل أتاك حديث الجنود ☆ فرعون وثمود) البروج "١٧- ١٨"
فكانه يخاطب قريشا ويقول لهم انتم مستمرون في التكذيب فهي سمة فيكم ليست جديدة وأتى بحرف الجر " في" التي تفيد الظرفية ليدل أنهم مستغرقون فيها.
٥/ سورة الضحى:
( والضحى) أقسم جل شأنه بالضحى ونزلت السورة في شأن النبي صلى الله عليه وسلم فكأنه بدأ بالنور الحسي ثم النور المعنوي.
وخص الضحى وهو جزء من النهار بالذكر ثم ذكر الليل كله إشارة إلى بركة هذا الوقت " الضحى" في إشارة إلى أن ساعة الضحى توازي جميع الليل مصداقا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم{بورك لأمتي في بكورها}
كما أن محمدا صلى الله عليه وسلم إذا قورن بغيره من الأنبياء فهو يوازيهم بل هو أفضل منهم
صلوات ربي وسلامه عليه ما تعاقب الجديدان..
وبهذه الوقفة ننهي وقفات التدبر القرآني ونسأل الله أن ينفع بها ويجعلها حجة لنا لا علينا ويجعل القرآن الكريم سائقنا ودليلنا إلى جنات النعيم ويرفعنا به أعلى درجات الجنان ويحشرنا به في زمرة النبي العدنان.. وصلى الله على نبينا محمد
وكتبته/ الراجية رحمة ربها
سماح بخاري

Hasnamhg.Blogspot.com

          ================

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق