الخميس، 6 يوليو 2017

فتح الرحمن في تدبر القرآن(27

💬فتح الرحمن في تدبر القرآن   (27):
سورة الحج..مشاعر حاج..
سورة الحج هي السورة الوحيدة التي سميت باسم ركن من أركان اﻹسﻻم.. وكان ينتظر من سورة تحمل هذا اﻻسم أن تشرح السورة شيئا من مناسك الحج لكنها بدأت بداية على غير المتوقع بالتذكير باليوم اﻵخر.. (ياأيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم) الحج (1)
ترى ماعﻻقة منسك الحج باليوم اﻵخر..
كل من دخل مدرسة الحج يشعر بأنه هذا النسك إنما هو صورة مصغرة لليوم اﻵخر.. ويعلم أنه ﻻبد أن يستصحب معه زاد التقوى فهو المقصود اﻷعظم من هذه الشعيرة.. نعم نحن ﻻننكر أهمية أداء النسك من الناحية الفقهية وﻻ تبرأ ذمة الحاج إﻻ بأدائها على الوجه الذي بينه صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع.. لكن المعنى الحقيقي الذي يجب أن يتحقق هو التقوى ولذلك أكد القرآن الكريم ذلك في أكثر من موضع اقرئي معي..
( الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فﻻ رفث وﻻفسوق وﻻجدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يأولى اﻷلباب) البقرة (197)
وقال عز من قائل (لن ينال الله لحومها وﻻدماؤها ولكن يناله التقوى منكم....) الحج (37) فالتقوى إذن هو أول درس يتعلمه من دخل مدرسة الحج.
نعود للسؤال كيف يكون الحج صورة مصغرة لليوم اﻵخر؟!
إن الحاج يستشعر ذلك منذ أن يغتسل لﻹحرام فيتذكر يوم يغسله أهله استعدادا للقاء ربه ثم يلبس اﻹحرام اﻷبيض فيتذكر يوم أن يلبس الكفن اﻷبيض وما أشبه اﻹحرام بالكفن!!
ثم عندما يتوقف عند الميقات ويحرم يتذكر يوم يصلى عليه وهو بهذا اللباس..
فإذا وصل إلى منى فيرى الناس كل بحسب ما أنفق من المال يكون مكانه في منى فهناك من يحج في مكان الرفاهية فيه أكثر من التنسك..وهناك من هو أقل من ذلك وهناك من يتخذ الرصيف مأوى له وهناك من يفترش اﻷرض ويلتحف السماء.. ذلك المشهد يذكرك بحال الناس يوم القيامة فكل بحسب عمله..فهناك من يستظل بظل من الرحمن..وهناك من يستظل بظل صدقته وهناك من يحفظ البقرة وآل عمران فيأتيان كأنهما غمامتان يظﻻن صاحبهما.. وهناك من ﻻظل له يكون عرقه إلى ركبتيه ومن يكون إلى حقويه ومن يكون عرقه إلى صدره ومنهم من يلجمه العرق إلجاما..فمشهد منى صورة مصغرة لذلك المشهد..
أما مشهد عرفات فيذكر بعرصات القيامة يوم ﻻيجد المرء موطئا لقدمية والناس يجأرون يريدون فصل القضاء فتشاهد تلك الصورة يوم عرفة.. زحام شديد ﻻتكاد تجد لقدمك موطئا والناس يجأرون بالدعاء يرجون رحمة ربهم ومغفرته..
أما يوم النحر فتشاهد مشهد رمي الجمرات فيتذكر يوم يرمى أهل الكفر في نار وقودها الناس والحجارة.. ويتذكر حين يذبح هديه يوم يذبح الموت بين الجنة والنار فيقال ياأهل الجنة خلود وﻻموت وياأهل النار خلود وﻻموت..
ويتذكر يوم يطوف بالبيت مشهد المﻻئكة وهم حافين من حول العرش..
فهل أيقنا ونحن في مدرسة الحج أننا ندخل صورة مصغرة لليوم اﻵخر..حتى نتخرج منها وقد قام في قلوبنا من التقوى والعبودية ما يكفي بقية العمر..حيث أننا أمرنا بالحج مرة واحدة في العمر ولم يفرض علينا غيرها..
اللهم اجعلنا ممن حج بيتك فحقق التقوى..فغفرت له ما تقدم من ذنبه.
وكتبته/ الراجية رحمة ربها
سماح بخاري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق