الأربعاء، 12 يوليو 2017

فتح الرحمن في تدبر القرآن ( 33) :

💬فتح الرحمن في تدبر القرآن  ( 33) :
سورة القصص.. الثقة بوعد الله.

بعض آيات هذه السورة نزلت في الوقت الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم مهاجرا من مكة إلى المدينة..وكان صلى الله عليه وسلم حزينا لفراق مكة فخرج منها وعيناه تذرفان..
ولذلك نجد في السورة مقابلة بين وعد الله ﻷم موسى (إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين) القصص (7)
وبين وعد الله للنبي صلى الله عليه وسلم في آخر السورة (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد) القصص (85)
والعجيب أن موسى -عليه السلام - ترك مصر وأبرم عقدا مع شعيب على أن يأجره ثماني حجج فإن أتم عشرا فمن عنده.. والنبي صلى الله عليه وسلم ترك مكة وعاد إليها فاتحا بعد ثماني سنين ثم رجع إليها بعد عشر حاجا حجة الوداع صلوات ربي وسﻻمه عليه.. فنجد أنها نفس الوعود تحققت في نفس المدة الزمنية.. وتحت نفس الظروف الصعبة فموسى - عليه السﻻم - خرج من مصر وهو (خائفا يترقب) بعد مؤامرة ضده.. ومحمد صلى الله عليه وسلم خرج من مكة خائفا متخفيا بعد مؤامرة دار الندوة وكﻻهما مؤامرة قتل!!

ومن ظريف ما يروى بهذه المناسبة أن أحد اﻷمراء أراد أن يقتل رجﻻ لسبب ما.. فعلم بذلك أحد وزرائه وكان يعرف ذلك الرجل فعمد الوزير إلى ورقة بيضاء وكتب فيها (إن) فقط وأرسلها مع أحد غلمانه وكان  رسول اﻷمير قد وصل قبل الغﻻم وأبلغه أن اﻷمير يريده في أمر ولم يوضح له ماهية ذلك اﻷمر.. فلما وصلت الورقة للرجل ليس فيها إﻻ كلمة (إن) فطن أن في استدعاء اﻷمير له مؤامرة بقتله استنادا إلى قوله تعالى في سورة القصص (إن المﻷ يأتمرون بك ليقتلوك)
ولذلك تجدين بعض العامة يقولون (أكيد في الموضوع {إن} ) أخذا من هذه القصة!!

-في قوله تعالى (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه...) القصص (7) جاءت هذه اﻵية بعد أن بين جل شأنه طغيان فرعون وجبروته واستضعافه لبني إسرائيل.. 
وهذا -والله أعلم- يشير إلى أمر مهم وهو أن النصر يبدأ من عند أم تربي وترضع صغارها مع اللبن ترضعهم كيف يحملون  هم هذا الدين وكيف ينتصر..
ولذلك كره أن يسترضع الرجل ﻻبنه مرضعة حمقاء أو مريضة ﻷن ذلك يؤثر في سلوك الطفل ونشأته..
🍼ولعلك عرفت السر في بﻻدة بعض من جيل عصرنا الحاضر حيث الرضاعة الصناعية التي تؤخذ من ألبان البقر فيرتضع الطفل المسكين طبع البﻻدة من البقرة مع اللبن الصناعي!!
وﻻحول وﻻقوة إﻻ بالله.
وسورة القصص تسلط الضوء بشكل واضح على دور المرأة  في نصرة هذا الدين فاﻷشخاص الذين ساعدوا موسى عليه السلام - كن أربع نساء أولهن أم موسى (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه...) القصص (7)
ثم أخته (وقالت ﻷخته قصيه..) القصص (11)
وأما المرأة الثالثة فهي امرأة فرعون (وقالت امرأت فرعون قرة عين لي ولك...) القصص (9)
والرابعة هي بنت شعيب التي تزوجها (قالت إحداهما ياأبت استأجره إن خير من استأجرت القوي اﻷمين) القصص (26)

ونجد أيضا في حياة نبينا صلى الله عليه وسلم نساء كان لهن اﻷثر اﻷكبر في تثبيته صلوات ربي وسﻻمه عليه..
كخديجة رضي الله عنها وعائشة وأم سلمة رضي الله عنهن..

-وآخر قصة ذكرت في سورة القصص هي قصة قارون لتبين أن الكبر والغرور تعود بالعاقبة السيئة على من اتصف بها.. فقارون أخبر الله جل شأنه أنه عﻻ في اﻷرض.. فكانت العاقبة أن علته اﻷرض!!
( فخسفنا به وبداره اﻷرض..) القصص (81)
وفرعون قال (وهذه اﻷنهار تجري من تحتي..) الزخرف (51)
فأجرى الله اليم من فوقه!!
وهذه هي سنة الله في المتكبرين..
وعقب جل شأنه قصة قارون بقوله (تلك الدار اﻵخرة نجعلها للذين ﻻيريدون علوا في اﻷرض وﻻفسادا والعاقبة للمتقين) القصص (83).

وبسورة القصص نكون قد انتهينا بحمد الله من ثلثي القرآن بوقفات التدبر والتأمل نسأل الله أن يتم هذا العمل بخير وأن يجعله خالصا لوجهه متقبﻻ عنده.
وكتبته/ الراجية رحمة ربها
سماح بخاري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق