فتح الرحمن في تدبر القرآن31

💬فتح الرحمن في تدبر القرآن (31 )
سورة الشعراء.. وسائل الدعوة إلى الله.
نزلت هذه السورة على النبي صلى الله عليه وسلم عند بداية الدعوة الجهرية.. لذلك كانت الحاجة ملحة إلى تعلم وسائل الدعوة.. حيث كانت الفصاحة والبﻻغة هي السمة البارزة التي تميز بها العرب في ذلك الوقت ومن هنا جاءت تسمية السورة باسم الشعراء.. حيث كان الشعر هو وسيلة اﻹعﻻم التي ينتشر الخبر من خﻻلها في ذلك العصر.. وكان الشعر سﻻحا ذو حدين كما هو الحال في وسائل إعﻻمنا المعاصرة..
📑فمن الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين- من سخر موهبة الشعر عنده للذود عن الدين وصيانة حياضه وحفظ بيضته.. ومن غيرهم من استخدم الشعر كمعول هدم للدين لكن يأبى الله إﻻ أن يتم  نوره..والله بالغ أمره..
ولذلك سلك القرآن الكريم منهج اﻹنصاف -كما هو ديدنه- في تقسيم الشعراء إلى قسمين فقال (والشعراء يتبعهم الغاوون * ألم تر أنهم في كل واد يهيمون * وأنهم يقولون ماﻻ يفعلون * إﻻ الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا....) الشعراء (224-227).
وقد ذكرت السورة عددا من قصص اﻷنبياء وركزت على جانب وسيلة تبليغ الدعوة فموسى -عليه السﻻم- كان يخشى أﻻ يؤثر في الناس بصورة جيدة (ويضيق صدري وﻻينطلق لساني فأرسل إلى هارون) الشعراء (13)
وكل قصص اﻷنبياء الواردة في السورة كانت تركز على حوار النبي مع قومه فنجد تكرر (قال.. قالوا...) في قصص اﻷنبياء ليدل على أن الحوار من أنجح الوسائل في دعوة المعارض..
ففي قصة إبراهيم -عليه السﻻم- نجد أسلوبا رائعا في الحوار العقﻻني (قال هل يسمعونكم إذا تدعون * أو ينفعونكم أو يضرون) الشعراء (72-73)..
وﻷن القرآن هو محور دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم. فإننا نرى اﻵيات التي تحدثت عن القرآن في السورة تركز على بيان القرآن وأهميته في التأثير على الناس فقال جل شأنه في أول السورة (تلك آيات الكتاب المبين) الشعراء (2)
وفي آخر السورة يأتي قوله تعالى (بلسان عربي مبين)الشعراء (195).
وﻻبد للغة الخطاب والتأثير أن تكون مﻻئمة للجو الذي يعيش فيه  الناس لذلك نرى في السورة قوله تعالى (ولو نزلناه على بعض اﻷعجمين * فقرأه عليهم ماكانوا به مؤمنين ) الشعراء ( 198-199)
فآيات السورة واضحة أشد الوضوح في إرشاد المسلمين -والدعاة إلى الله بصورة خاصة- في كل زمان ومكان إلى استخدام أفضل اﻷساليب وأكثرها تأثيرا وهي تختلف من مكان إلى مكان ومن زمن إلى زمن حسب متغيرات كل زمان ومكان المهم أن يسخر كل مامنَّ الله به من علوم وتقنية في نشر هذا الدين بأي وسيلة مباحة. شريطة أن تستخدم بالطريقة المناسبة وفي الوقت المناسب..
اللهم اجعلنا ممن يدعو إليك على بصيرة.. ويبلغ دينك الذي ارتضيته للناس.
وكتبته/الراجية رحمة ربها
سماح بخاري