الخميس، 25 يناير 2018

فقيد العلم والدعوةعبدالعزيز التويجري

فقيد العلم والدعوة

عبدالعزيز التويجري نموذج لشباب هذا البلد الذي عرف المنهج الصحيح في خدمة الإسلام فلزمه بعيداً عن غلو الغالين وجفاء المفرطين٠

نشأ عبدالعزيز التويجري في أسرة كريمة صالحة إن سألت عن طيبة القلب وسماحة النفس والتدين الفطري ومحبة نفع الآخرين فهو عنوان هذه الأسرة وشعارها٠

جاورتُ أسرةَ عبدالعزيز التويجري بضع سنين وبادلتهم حباً بحب واستمرت هذه المودة في ﷲ حتى بعد افتراقنا سكناً فما فترت هذه المحبة وكانوا هم دائما الأكثر وصلاً٠

فجعت أسرة عبدالعزيز التويجري وابتليت بفقد الأبناء مراراً فما رأيتُ -علم ﷲ -
من والده وجدِّه رحمه ﷲ إلا صبراً واحتساباً بلغهم ﷲ به أعالي الجنان٠

عمل عبد العزيز التويجري بصمت بعيداً عن الأضواء والشهرة يحمل في قلبه هم الإسلام وتبليغه غير مبالٍ بالعقبات والعوائق  يعمل بالميسور والممكن بعيداً عن المثاليات والإغراق في التنظيرات٠

اختار عبدالعزيز التويجري إفريقيا ميداناً لعمله وهي القارة الأكثر فقراً وجهلاً والأشد حاجة فأحب العيش بين أهلها معلماً وناصحاً وموجهاً ومنشئاً للعديد من المساجد

وجد أهل تلك المناطق التي كان لعبدالعزيز التويجري فيها دعوةٌ وتعليمٌ في شخصيته التواضعَ والتضحيةَ والحرصَ على تقديم النفع فأحبوه وألفوه وتأثروا به٠

لم يكن عبدالعزيز التويجري مشهوراً بعلم أو فصاحة أو غيرهما مما يجذب كثيراً من الناس ولكن أحسبه والله حسيبه ولا أزكي على ﷲ أحدا ممن أخلص عمله لله وسلم قلبه من الحقد والغل لإخوانه المسلمين فكتب الله له القبول٠

عبد العزيز التويجري لولم يخرج لغينيا للدعوة لمات في ذلك اليوم ولو على فراشه وإذا حلّ الأجل فلا يستأخر العبد عنه ساعة ولا يستقدم فلا نامت أعين الكسالى والمثبطين

ليس هناك من أحد مهما طال به العمر إلا والموت نهايته لكن شتان بين من يموت على لهو وغفلة وبين من يموت على تعليم ودعوة وتربية وكلها من الجهاد في سبيل ﷲ فهنيئاً لعبد العزيز التويجري تلك الخاتمة٠

الإنجاز في الأعمار والبركة فيها لا تقاس بطول عمر الإنسان فكم ممن عمر في هذه الدنيا لكن ليس له أثر يذكر وإنما الإنجاز الحقيقي ما يخلفه الإنسان بعد رحيله من آثار صالحة باقية وذكر حسن٠

كثيرون من يدعون نصرة الإسلام لكن شتان بين من انصرف لتحقيق هدفه إلى النواحي العملية تعليما ودعوة وتربية فأنتج وأبدع وبين من انشغل عن هدفه بالتصنيف والتحزيب وتكثير الخصوم وهدم كل مشروع ناجح٠

‏تفاعل المجتمع بأطيافه المختلفة والمشهد الرهيب لجنازة عبدالعزيز التويجري والأعداد الغفيرة التي جاءت لمواساة أسرته من المسؤولين والعلماء وغيرهم دليل على تقدير المجتمع لأصحاب الجهود النافعة وحملة الرسالة النبيلة٠

‏عبدالعزيز التويجري مسيرة نجاح لكل شاب يسعى لخدمة دينه وأمته ومثال لكل شاب يسعى لتمثيل رسالة بلده في الخارج رسالة التعليم والدعوة والبناء

‏أمامك أيها الشاب ميادين فسيحة لخدمة مجتمعك ووطنك وأمتك في المجال التعليمي والدعوي والإغاثي والتطوعي في الداخل فضلاً عن الخارج فلا تذهب أيام عمرك عليك فيما لا فائدة فيه واصنع لنفسك مجدا من العمل الصالح تلاقي به ربك٠


‏رحم ﷲ فقيد العلم والدعوة الشيخ عبدالعزيز التويجري وأعلى درجته وبلغه منازل الشهداء وأنال والديه وزوجه وبناته وأسرته منازل الحامدين الصابرين الشاكرين
‏والحمد لله رب العالمين٠

وكتبه/ خالد بن سعد الخشلان
١٤٣٩/٥/٦

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق