الاثنين، 25 سبتمبر 2017

قضية الإعجاز العلمي في القرآن الكريم

قضية الإعجاز العلمي في القرآن الكريم
                        ☁️☁️☁️☁️☁️☁️
النظر في قضية الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ، هو كغالب القضايا العلمية والفكرية : يكتنفه طرفان : إفراط وتفريط ، والتوسط بين هذين الطرفين عادة ما يكون هو الأوفق والأقرب للصواب :

1-فمن الخطأ والتقصير الظاهر عدم الاستفادة من حقائق العلم الحديث في تفسير كثير من الآيات الكونية في القرآن الكريم ، والأحاديث الصحيحة في السنة المطهرة ، ونحن نؤمن أن خالق الكون ومنزل القرآن الكريم إله واحد ، فلا بد أن تتطابق التفاصيل الواردة فيهما ، والعلم الحديث خير معين على كشف هذا التطابق .

*2-ومن الخطأ الظاهر أيضا المبالغة في هذا التوجه ، وتحميل الآيات ما لا تحتمل من أوجه المجاز المخالفة للسياق ، أو المخالفة لما ثبت في السنة المطهرة من تفسير هذه الآيات ، أو التسرع في عرض الفرضيات والنظريات على أنها حقائق علمية .*

يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

*" الإعجاز العلمي في الحقيقة لا ننكره ، لا ننكر أن في القرآن أشياء ظهر بيانها في الأزمنة المتأخرة ، لكن غالى بعض الناس في الإعجاز العلمي ، حتى رأينا من جعل القرآن كأنه كتاب رياضة ، وهذا خطأ .*

فنقول : إن المغالاة في إثبات الإعجاز العلمي لا تنبغي ؛ لأن هذه قد تكون مبنية على نظريات ، والنظريات تختلف ، فإذا جعلنا القرآن دالاًّ على هذه النظرية ثم تبين بعد أن هذه النظرية خطأ ، معنى ذلك أن دلالة القرآن صارت خاطئة ، وهذه مسألة خطيرة جدًّا .

ولهذا اعتني في الكتاب والسنة ببيان ما ينفع الناس من العبادات والمعاملات ، وبين دقيقها وجليلها حتى آداب الأكل والجلوس والدخول وغيرها ، لكن علم الكون لم يأتِ على سبيل التفصيل .

*ولذلك فأنا أخشى من انهماك الناس في الإعجاز العلمي وأن يشتغلوا به عما هو أهم ، إن الشيء الأهم هو تحقيق العبادة ؛ لأن القرآن نزل بهذا ، قال الله تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) " انتهى.*

" مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين " (26/28) .

 

وقد قام كثير من الباحثين والعلماء المعاصرين – جزاهم الله خيرا – بكتابة الأبحاث العلمية الرصينة المتزنة في هذا الباب ، وقامت لذلك هيئات علمية متخصصة ، ومؤتمرات دولية ، ومجامع عامة يمكن أن تثمر فيما تثمره تقعيدا مؤصلا منضبطا لقضايا هذا العلم الجديد ، حتى يصل إلى درجة من الكمال الممكن ، كحال كل علم ينشأ غرسا صغيرا ، ثم يكبر ويثبت بدراسات العلماء الأفذاذ المتخصصين .

ونحن ننقل هنا بعض الضوابط المهمة للوصول إلى نتائج سليمة في هذا المنهج العلمي :

يقول الدكتور عبد الله المصلح حفظه الله :

" إن المراد بهذه الضوابط تلك القواعد التي تحدد مسار بحوث الإعجاز العلمي وفق الأصول الشرعية المقررة ، مع الالتزام بالجوانب الفنية والعلمية المطلوبة .

وتكمن أهمية هذه الضوابط في كونها مناط استرشاد للباحثين في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة ، وخصوصا في هذا الوقت الذي كثر فيه إقبال الباحثين والكاتبين على هذا الموضوع لأهميته في الدعوة والإقناع ، وذلك لتميز هذا العصر بالعلم ومكتشفاته ، حتى أصبح العلم سمة من سماته .

وهذا الاهتمام من غير سير على ضوابط واضحة أوجد مزالق كثيرة حتى عند بعض المخلصين ، وإسهاما في علاج ذلك جاءت هذه الضوابط علها أن تكون مانعا من الوقوع في تلك الأخطاء ، وحافزا للكتابة في هذا الموضوع الحيوي .

والتزام هذه الضوابط يساعد كذلك على إنهاء الخلاف الفكري بين المؤيدين لموضوع التفسير العلمي والمعارضين له ؛ لأن جوهر الخلاف بينهم يرجع سببه إلى تلك المظاهر الارتجالية التي لا يصدر أصحابها عن منهج صحيح .

وتلك الضوابط هي :

1- ثبوت النص وصحته إن كان حديثا ، لتواتر القرآن دون الحديث .

2- ثبوت الحقيقة العلمية ثبوتا قاطعا ، وتوثيق ذلك علميا متجاوزة مرحلة الفرض والنظرية إلى القانون العلمي .

*3- وجود الإشارة إلى الحقيقة العلمية في النص القرآني أو الحديثي بشكل واضح لا مرية فيه .*

فإذا تم ذلك أمكنت دراسة القضية لاستخراج وجه الإعجاز .

ويجب في أثناء تلك الدراسة مراعاة الضوابط التالية :

1-جمع النصوص القرآنية أو الحديثية المتعلقة بالموضوع ، ورد بعضها إلى بعض لتخرج بنتيجة صحيحة لا يعارضها شيء من تلك النصوص ، بل يؤيدها .

2-جمع القراءات الصحيحة المتعلقة بالموضوع إن وجدت ، وكذلك روايات الحديث بألفاظها المختلفة .

3-معرفة ما يتعلق بالموضوع من سبب نزول ونسخ ، وهل يوجد شيء من ذلك أو لا ؟

4- محاولة فهم النص الواقع تحت الدراسة على وفق فهوم العرب إبان نزول الوحي ، وذلك لتغير دلالات الألفاظ حسب مرور الوقت ، ولهذا يقتضي الأمر الإلمام بمسائل تعين على فهم النص والتمكن من تقديم معنى على آخر ، وهي كالآتي :

أ-إن النص مقدم على الظاهر ، والظاهر مقدم على المؤول .

ب‌-إن المنطوق مقدم على المفهوم ، وإن المفاهيم بعضها مقدم على الآخر كذلك.

ت‌-أن يخضع في تناوله للنص لقاعدة : العام والخاص ، والمطلق والمقيد ، والمجمل والمبين ، وأن العموم مقدم على ا

لخصوص ، والإطلاق مقدم على التقييد ، والإفراد على الاشتراك ، والتأصيل على الزيادة ، والترتيب على التقديم والتأخير ، والتأسيس على التأكيد ، والبقاء على النسخ ، والحقيقة الشرعية على العرفية ، والعرفية على اللغوية .

ث‌-مراعاة السياق والسباق وعدم اجتزاء النص عما قبله وما بعده .

ج‌- مراعاة قاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .

ح‌- معرفة معاني الحروف ، وعدم تفسير حرف أو حمله على معنى لا يقتضيه الوضع العربي .

خ‌- مراعاة أوجه الإعراب ، وعدم القول بتوجيه لا يسانده إعراب صحيح أو قرينة أخرى .

د‌- أن المشترك اللفظي يمكن حمله على واحد من معانيه دون نفي الآخر أو القطع بأن هذا الصواب وحده ما لم تكن هناك قرينة راجحة .

5- إظهار وجه الإعجاز : فإذا تم ذلك لم يبق على الباحث سوى أن يظهر الربط بين الحقيقة الشرعية والعلمية بأسلوب واضح مختصر .

*6-أن هناك أمورا من قبيل المتشابه لا مجال لفهمها أو تناولها بالبحث .*
                    ☁️☁️☁️☁️☁️☁️☁️
 قضية الإعجاز العلمي في القرآن الكريم

https://islamqa.info/ar/138144

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق